حين يركض العقل أسرع من الجسد: فرط الحركة وتشتت الانتباه
في كل صف، هناك طفل لا يستطيع أن يبقى جالسًا على الكرسي طويلًا.
في كل صف، هناك طفل لا يستطيع أن يبقى جالسًا على الكرسي طويلًا.
عيناه تتنقلان بين النافذة والكتاب وأصدقائه، يرفع يده قبل أن يسمع السؤال كاملًا، ويضحك من شيء لا يراه أحد غيره. البعض يصفه بأنه “مشاغب”، “مندفع”، أو “مهمل”، لكن الحقيقة أعمق بكثير…
كيف يرى الطفل العالم؟
بالنسبة لطفل يعاني من فرط الحركة وتشتت الانتباه، العالم ليس خطًا مستقيمًا. الأفكار تأتي بسرعة، كأنها ألعاب نارية تتفجر في السماء: فكرة تُضيء، ثم تختفي قبل أن تمسك بها.
كل صوت جانبي يبدو أكثر أهمية من صوت المعلم. كل حركة صغيرة في الغرفة تلفت انتباهه أكثر من الصفحة أمامه. إنه ليس “لا يريد أن يركز”، بل دماغه يختار أن يسمع كل شيء في نفس اللحظة.
التحديات اليومية
•التركيز: صعوبة في إنهاء المهام، أو تذكر التعليمات البسيطة.
•الاندفاع: يجيب قبل أن ينتهي السؤال، يقاطع الآخرين دون قصد.
•الحركة: لا يهدأ بسهولة، يفتش عن نشاط أو حركة ليشعر بالراحة.
•المشاعر: سرعة في الانفعال أو الإحباط، وأحيانًا شعور بالذنب لأنه “مختلف”.
نظرة المجتمع
المؤلم أن كثيرًا من الأطفال يُحاسبون على ما ليس بيدهم. يُوصَفون بالكسل أو قلة الأدب، بينما دماغهم يعمل بطريقة مختلفة. ليسوا أقل ذكاءً، بل أحيانًا أكثر إبداعًا وفضولًا، فقط يحتاجون لبيئة تفهم إيقاعهم الخاص.
دور الأهل
رحلة الأهل ليست سهلة. بين القلق من نظرة الآخرين، والإرهاق من المتابعة اليومية، والضغط لإيجاد الحل… قد يشعرون أنهم عالقون. لكن حين يدرك الأهل أن فرط الحركة ليس وصمة، بل اختلاف في طريقة عمل الدماغ، يبدأ التحول.
الطفل لا يحتاج إلى صراخ أو عقاب، بل إلى فهم، روتين منظم، وتشجيع مستمر.
الأمل والتدخل
العلاج ليس “إطفاء الحركة” ولا “إجبار الطفل على التركيز”. بل هو مزيج من:
• أنشطة منظمة تساعده على تفريغ طاقته.
• استراتيجيات تعلم بصرية وعملية تناسب عقله النشط.
• مساحات آمنة للخطأ والتجربة.
حين يجد الطفل مكانًا يسمح له أن يكون نفسه، تتحول طاقته إلى إبداع، وتشتته إلى فضول يدفعه للاستكشاف.
رسالتي لكم:
فرط الحركة وتشتت الانتباه ليس حكمًا بالسوء أو الفشل. هو مجرد طريقة أخرى يرى بها الطفل الحياة. والطفل، مهما كان، يحتاج من يقول له: “أنا أراك… وأتقبلك… وأؤمن بك.”